مروة بني هذيل

عمان– تفاصيل معاناة الأسرى العرب بعد تحريرهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، هي المضمون والرسالة التي حملها فيلم “خارج الأسوار” للمخرج الأردني أحمد الرمحي.

الفيلم، الذي عرضته الهيئة الملكية الأردنية للأفلام مساء أول من أمس، صور عبر مشاهده المختلفة، معاناة المعتقلين بعد خروجهم من خلف القضبان، حيث صادف هؤلاء الأسرى المحررين صعوبات اجتماعية ونفسية ومادية بعد خروجهم من مجتمع الأسر القائم على التكافل والمؤاخاة، إلى مجتمع مادي ابتعد عن الكثير من المبادئ التي ناضلوا من أجلها.

ويجسد العمل الجانب الإنساني المحض لهؤلاء الأسرى والصعوبات التي واجهتهم بعد خروجهم من المعتقلات في محاولات للانصهار في بوتقة مجتمعاتهم من جديد.


الرمحي، في تصريح إلى “الغد”، قال إن فكرة الفيلم جاءت عندما كان يقوم بتصوير فيلم “نشيد الحرية” العام 2005، الذي كان يتحدث عن عمليات تبادل الأسرى خلال الصراع العربي الإسرائيلي وتاريخها وشروط التفاوض آنذاك وتفاصيل لحيثيات التبادل.

وأضاف “أثناء التصوير، تحدث لي بعض المعتقلين من الذين تحرروا عن قصص شخصية تتعلق بحياتهم ما بعد التحرر، وكانت قصصهم ذات طابع إنساني عميق وشخصي، ومنذ ذلك الوقت، فكرت في إنتاج فيلم يوثق تلك الحكايات التي مسّتني شخصياً، وبالفعل في نهاية العام الماضي بدأت بإنتاج هذا الفيلم”.

وبين أنه تم ترشيح عدد من الشخصيات لتروي تجاربها في هذا الفيلم، موضحا “قلصنا تلك القائمة وبدأنا بالتصوير متنقلين بين الأردن وسورية ولبنان، أما بالنسبة لضيوف فلسطين، فقد جئنا بهم إلى الأردن لرفضنا التصوير في فلسطين والدخول إليها عبر فيزا من دولة الكيان الصهيوني”.

وفيما يتعلق باستخدام الأنيميشن في هذا الفيلم، قال الرمحي “موضوع الفيلم يتحدث عن الأحاسيس والمشاكل التي تعرض لها أولئك الأسرى بعد تنفسهم الحرية بعد فترات اعتقال طويلة، وأردنا تجسيد تلك المشاعر من خلال صورة تترسخ في ذهن المشاهد، فكانت من هنا فكرة الأنيميشن، للتعبير عما يجول في خواطر الأسير المحرر”. وقام عصام الديك بتنفيذ أعمال الأنيميشن في الفيلم، التي استغرقت ثلاثة أشهر، كما تم استخدام زوايا تصوير غير تقليدية للخروج من النمط الكلاسيكي المتبع في إخراج الأفلام الوثائقية عادة، فكانت زوايا الكاميرا عالية في بعض اللقطات لنشعر المتلقي بأنه مراقب وتحت المجهر كما لو أنه في غرفة تحقيق، وفق الرمحي.

وكان العمل مكلفاً من الناحية الإنتاجية، كما يقول، نظراً لتصويره في عدة بلدان واستخدام عدة كاميرات في التصوير والتكلفة العالية للأنيميشن، مشيرا إلى أن فريق العمل كان متحمساً للموضوع، فقدم ما لديه من إبداعات سواء من ناحية التصوير والإضاءة التي نفذهما عبدالله الرمحي، أو المونتاج الذي نفذه إبراهيم الطعاني.

وذهب إلى أن عملية المونتاج استمرت ما يقارب الثلاثة أشهر، منوها إلى أنها مدة طويلة لفيلم تنشر أحداثه عبر ساعة تلفزيونية، بسبب محاولة الغوص في التفاصيل الدقيقة.

يتميز “خارج الأسوار”، الذي عرض على قناة الجزيرة الفضائية مؤخراً، عن باقي الأفلام التي تتحدث عن الأسرى، بأنه يركز على حياة المحرر بعد خروجه من أسوار الاعتقال، فهذا المحرر يواجه تغيرات اجتماعية وثقافية وتكنولوجية واجتماعية عدة، خصوصا بعد أن يمضي سنوات طويلة في المعتقل.

وفي هذا السياق، يقول الرمحي “ما فاجأني أنه رغم مرارة تجربة الأسر، إلا أن معظم أسرى العرب الذين تمت مقابلتهم بالعمل، لم يبدوا ندماً على تجربة الاعتقال، وأكدوا أنه لو أعيد الزمان مرة أخرى لكانوا اختاروا الطريق نفسه، بالإضافة إلى أن معظمهم ما يزال يمارس عملاً نضالياً حتى يومنا هذا ولم يختر العزلة أو التقوقع”.

والفيلم، الذي تتواصل أحداثه على مدار 50 دقيقة، يؤكد الرمحي أن مدته قصيرة، ولم تكن كافية لنقل جميع القصص التي قدمها ضيوف العمل، مبينا “كنا نتمنى لو كان بالإمكان أن يطول الفيلم لنقل تلك التجارب الإنسانية”.

المخرج الرمحي، الذي يرى أن “خارج الأسوار” سيفتح الباب أمامه لإنتاج أعمال أخرى حول موضوع الأسرى، قال “حالياً نقوم أنا وبعض الأصدقاء بكتابة نص فيلم روائي يتحدث عن تجربة الأسر والاعتقال في السجون الصهيونية، كما أن هذا الفيلم سيشارك في عدة مهرجانات منها؛ مهرجان تورينتو للأفلام الفلسطينية”.

ويذكر أن الرمحي من مواليد دولة الإمارات العام 1979، ويحمل درجتي بكالوريوس في إدراة الأعمال والصحافة والإعلام. وأخرج الرمحي فيلمه الأول العام 2005 بعنوان “ليلة الطائرات”، وفي العام 2006 بدأ بإنتاج أفلامه وإخراجها، إذ شاركت أفلامه في عدة مهرجانات إقليمية ومحلية.

كما عمل الرمحي في مجال التنمية المجتمعية، وقدم عددا من ورشات العمل حول صناعة الفيلم الوثائقي، ويعمل الرمحي حاليا لدى الهيئة الملكية الأردنية للأفلام كمنسق للبرامج التعليمية المحلية.

 

http://www.alghad.com/index.php/article2/560736/%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%87.html

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *