عين نيوز- من هبه جوهر-خاص /
دفع ولع العمل في الميدان الاعلامي والسياسي المخرج الشاب أحمد عدنان الرمحي للاتجاه نحو دراسة الصحافة والاعلام في جامعة البترا في عام 2001، بعد أن كان يحمل شهادة البكالوريوس في ادارة الأعمال والفنادق ويعمل موظفا في قطاع الإتصالات جامعا بين العمل في مجال الادارة والاتصال ودراسة الصحافة والاعلام الى أن تخرج، وبدأ بكتابة مواد صحفية في إطار النقد الفني والسينمائي في صحيفة العرب اليوم مطورا مهاراته العملية ، دون أن يترك عمله في شركة الاتصال.
طور الرمحي قدراته الفنية والاخراجية بطريقة ذاتية اعتمدت على التجربة والخطأ، وهي طريقة مكلفة لاسيما فيما يخص صناعة الأفلام التي تحتاج الى معدات تقنية وتكنولوجيا معينة وعدم المعرفة بنوعيتها، ترهق صانع الأفلام بتكلفة تبديل وشراء عدة أجهزة، كما تأثر الرمحي بالفيلم الوثائقي خمسون عاما من الصراع الذي كان من انتاج البي بي سي.
طريقة التعلم عبر التجربة والخطأ كانت السبب وراء الإستمرار بتصوير فيلمه “نشيد الحرية” لمدة ثلاث سنوات من عام 2005 الى عام 2008، حيث قام بعملية المونتاج على جهاز في منزله وعرضه على مجموعة من المختصين الذين قدموا له ارشادات ونصائح، فكان لفيلم “نشيد الحرية” الذي تحدث عن تبادل الأسرى الفضل الكبير في تعلم الرمحي فنون اخراج الأفلام الوثائقية، وعلى الرغم من ذلك الا أن الفيلم لم يباع ولم يعرض لأنه بحاجة الى تطوير وهنالك نية مستقبلية لاعادة كتابة السيناريو له كما بين الرمحي في حديثه مع “عين نيوز”.
يعتبر فيلم “ليلة الطائرات الشراعية” الذي تضمن حلم الرمحي بتصوير فيلم وثائقي للعمليات الفدائية التي تسعى لتحرير الأسرى هو الفيلم الأول له، والذي تم تصويره في سوريا لمقابلة عدد من أمناء الفصائل الفلسطينية مثل أحمد جبريل ونايف حواتمة، مستغلا وجوده في سوريا في أرشفة ما يستطيع من معلومات حتى لو لم تخص موضوع الفيلم، لاستخدامها مستقبلا في ابراز الصفحات المشرقة لتاريخ العرب والفلسطينيين. و “ليلة الطائرات الشراعية” الذي صور على نفقة أحمد الرمحي الخاصة وعرض في جمعية الصهيونية والعنصرية، يحكي عن قصة البطلان التونسي ميلود بن نومه والسوري خالد أكر اللذان حلقا بطائراتهما من لبنان ليهبطا في احد المعسكرات الصهيونية محدثين دمارا شديدا في المعسكر.
المخرج أحمد الرمحي
وأوضح الرمحي لـ “عين نيوز” أنه واجه تحديات مالية لا سيما أنه تكبد مصاريف التصوير والاقامة في سوريا، كما أن معدات تصوير وتجهيز الفيلم كانت مكلفة جدا أنذاك، وعلى الرغم من ذلك تم انجازالفيلم وارساله من سوريا الى مهرجان الجزيرة للفيلم الوثائقي عام 2006، خوفا من مصادرة الفيلم عند عودته الى الأردن، وفعلا تمت مصادرة نسخة الفيلم على الحدود.
وتابع الرمحي أنه دُعي للمشاركة في مهرجان الجزيرة عام 2007 بعد اختيار 110 أفلام من أصل 700 فيلم قدمت للمهرجان، الأمر الذي فتح أمامه أبواب التعارف على أشخاص من العالم الاحترافي في صناعة الأفلام، اضافة الى منح “الجزيرة” فرصة لانتاج فيلمه الوثائقي الثاني “الحكيم جورج حبش” الذي صور في فترة خمسة شهور في الأرن وسوريا ولبنان، بعد أن تقدم بأكثر من فكرة لفيلم وثائقي.
وأضاف أن الصعوبة التي واجهها في هذا الفيلم هي التركيز على مبدأ الحيادية والموضوعية، واختزال حياة مناضل بخمسين دقيقة ، والابتعاد عن البروبغاندا التي انتشرت في فترة السبعينيات، وبعد عرض الفيلم على قناة الجزيرة، انهالت الاتصالات عليه من مختلف الفصائل الفلسطينية التي كانت تريد أن تظهر وجهة نظر ما، متناسيين أن الفيلم يتحدث عن الحكيم وليس عن الأحداث السياسية، والفيلم حمل ثلاث أفكار رئيسية هي أن حبش مات وهو يحمل حلم الوحدة العربية، ولم يرضى بالعودة الى فلسطين تحت الاحتلال، وظل الحكيم متمسكا بالثوابت بالرغم من أن الاخرين تنازلوا عنها مثل أبو عمار.
وبين الرمحي بالتحضير أن فيلم “وادي عربة” هو الفيلم الأول الذي يتحدث عن المعاهدة، وتم تصويره بالذكرى الخامسة عشر للمعاهدة، وسط استمرار الاستياء الشعبي المحلي للتوقيع على هذه المعاهدة، التي لم يستفد منها الأردن، مما خلق نوعا من التحدي والصعوبات من حيث المعالجة والطرح كون الموضوع أردنيا .
ذكر أنه أثناء تصوير الفيلم لم يجد طرف يدافع عن هذه المعاهدة من قبل الرسميين، على الرغم أنه طلب من رئيسي وزراء من ضمنهم موقع الاتفاقية عبد السلام المجالي التحدث في الفيلم لكنهما رفضا ذلك، وفي النهاية تحدث صالح القلاب ورئيس الوزراء السابق فايز الطراونة مدافعين عن المعاهدة،مقابل عدة أراء تنتقدها وترفضها، لاظهار الرأي والرأي الاخر، كما حرص على اظهار ارشيف يثبت صحة كل ملف تم التعرض له خلال الفيلم متجنبا أي قضية لا يستطيع اثباتها بملف حكومي.
وأكد أنه لم يتعرض لأي ضغوطات أثناء تصوير الفيلم وحتى بعد عرضه، الا أن ليث شبيلات الذي كان أحد المتحدثين المعارضين للمعاهدة، تعرض للضرب على أيدي مجهولين بعد 24 ساعة من بث الفيلم الذي أنتجته وعرضته قناة الجزيرة عام 2009.
وقال الرمحي لـ “عين نيوز”: أن فيلم “وادي عربة” يباع في بسطات وسط البلد وعلى الرغم من قرصنة النسخ المباعة الا أنني أكون في قمة السعادة في هذه الظاهرة، لا سيما أن هذا الفيلم هو الأقرب الى نفسي لانه وصل وجهة نظر مغايرة لوجهة النظر الرسمية ومتحيزة للأغلبية الصامتة الرافضة للتسوية السياسية.
ويعتبر”مروح على مصر” الفيلم الرابع للرمحي وعلى الرغم من أن طابعه انساني الا أنه يحمل بين طياته أبعادا سياسية، ويتحدث الفيلم بخمسين دقيقة عن ما يقارب نصف مليون عامل مصري يتواجدون ويعملون في ظروف صعبة وفي وظائف مرتبطة في الحياة اليومية للمواطن الأردني.
وحول الصعوبات التي واجهها خلال تصوير الفيلم الذي قامت الجزيرة بانتاجه أوضح أنها المرة الأولى التي يقوم فيها باخراج فيلم انساني بحت، فامتلكه شعور باقتحام الحياة الشخصية لهؤلاء العمال، مما جعل الفيلم يقتصر على وجود ضيفين أساسيين أحدهما عامل غير قانوني يقف على الدوار ويعيش منذ ثلاث سنوات في الاردن، والاخر عامل في احد المقاهي منذ عامين لم يعد الى وطنه، وعاد فريق العمل معهم الى مصر لمعرفة قصتهم وتجسيد معاناتهم في رحلة العودة ومشقتها عبر العبارات ويومين من السفر. مضيفا أن السفارة المصرية في الأردن لم تتعاون على الاطلاق مع فريق العمل، والجهات الرسمية في مصر لم توافق على اجراء أي مقابلة، وبالتالي تجنب أخذ وجهة نظر الجهات الرسمية الأردنية حرصا على الالتزام بمبدأ الرأي والرأي الاخر.
وكان السبب المباشر لتصوير هذا الفيلم هو انهيار عمارة سكنية على عمالها المصريين في عمان، ليعودوا بتوابيت الى ديارهم، اضافة الى أن ما يقارب نصف مليون عامل لا يخضعون لقانون العمل والعمال ولا الى أبسط شروط السلامة.
وأكد الرمحي أنه لا يعمل لوحده، وانما يعمل ضمن فريق تحمل معه الظروف المادية الصعبة وشاركه تصويرالأفلام منذ البداية، وهم المونتير ابراهيم طعاني، والكاتبان عبدالله القواسمي ومحمد لافي الجبريني، والمصور عبدالله الرمحي، الذين يعملون ضمن شركة زنوبيا العربية.
وحول مشاريعه الجديدة كشف الرمحي أنه يصور فيلما عن قضية حق العودة يحمل اسم “العودة والتعويض”، والثاني عن “فلسطينيو الكويت” من انتاج الجزيرة، كما أنه يقوم بتصوير فيلم غير تجاري حول المناضل أحمد الدقامسة هدفه القاء الضوء حول هذا المناضل القابع في السجون.
***
وأشار الرمحي الى أن وجود القنوات الفضائية التي احتد التنافس بينها أدى الى انتاج أعداد من الأفلام مما أعطى فرصة أكبر لصناع الأفلام للعمل في هذا القطاع، في الوقت الذي كان فيه الانتاج مقصورا على الانتاج الحكومي والشركات الكبرى، كما أصبحت معدات انتاج أي فيلم يمكن الحصول عليها بأسعار غير مرتفعة نسبيا مما أنعش هذا القطاع. مبينا أن وجود هيئة حكومية متخصصة في دعم صناع الأفلام كالهيئة الملكية للافلام أتاح فرصة نادرة ومتميزة للدعم “اللوجوستي” لصناع الأفلام، اضافة الى عرض وارسال الافلام الى المهرجانات، الأمر الذي لم يكن متوفرا عند بدء الرمحي لمشواره.
وقال الرمحي: أن الرقابة نحن من نصنعها، وذلك لعدم العلم بحقوقنا وواجباتنا فكل ما نستند اليه هو أعراف وليس قوانين، فهنالك الكثير من الناس يخشون انتقاد الحكومة بالرغم من أن الدستور منحهم هذا الحق، والحكومة الأردنية على سبيل المثال هي من وقعت معاهدة وادي عربة لذا يجوز أن انتقد هذه الاتفاقية، وبما أننا نصف أنفسنا بأننا أكثر حرية من بعض دول الجوار، فلماذا لا نصعد للسماء؟.
وأبدى الرمحي اعجابه بتجربة روان الضامن، وساندرا ماضي في مجال اخراج الأفلام الوثائقية.
كما بين تفاؤله في اقبال الجمهور الأردني على حضور الفيلم الوثائقي “فهرنهايت9/11″ للمخرج مايكل مور في دور السينما الأردنية، وهذا دليل على تغير في طبيعة المشاهد الأردني الذي كان يعزف عن دخول السينمات في مطلع التسعينات أما اليوم فهو يبتاع تذكرة السينما قبل عرض الفيلم بساعتين حتى يستطيع حضوره، كما أن محلات بيع الأفلام في وسط البلد أصبحت تخصص ركنا للأفلام الوثائقية في حين كان البيع سابقا يخص الافلام “الهوليودية”، اضافة الى وجود محطات فضائية متخصصة للفيلم الوثائقي، كل هذه مقاييس تدل على تغير المشاهد العربي والأردني
[youtube_sc url=”http://www.youtube.com/watch?v=nQ2ASmyQh38″]