العرب اليوم – ماجدة عطاالله
تصوير: عاطف العودات
ليس سهلا في ظل الظروف التي تعيشها الامة العربية ان ينبري شاب لانتاج واخراج افلام توثق مراحل مهمة من تاريخ الامة وتضع النقاط على الحروف بشكل بسيط وسهل ينفذ الى القلب قبل العقل. المخرج الشاب احمد الرمحي له عدد لا بأس به من الافلام الوطنية, وهو صاحب فيلم وادي عربة وفيلم الجذري والمنقوص في حق العودة ومروح على مصر والكويت بذكريات فلسطينية الخ. وهاهو اليوم ينجز فيلم خارج الاسوار وهو فيلم يقوم على توضيح حياة الاسرى المحررين كيف هي ما الذي يسعدهم وما الذي يؤلمهم وكيف نتعامل معهم للاخذ بايديهم نحو رؤية سليمة للتطورات. العرب اليوم استضافت المخرج احمد الرمحي وكان هذا اللقاء.
لماذا خارج الاسوار
حضرتني فكرة الفيلم خارج الاسوار من عمل سابق(فيلم نشيد الحرية) حيث دارت احداث الفيلم عن عمليات تحرير الاسرى, وكان الفيلم الاول من نوعه في التأريخ لعمليات تحرير الاسرى دون الخوض في الموضوع الانساني. واثناء جلوسي مع الاسرى المحررين من سوريين ولبنانيين واردنيين وفلسطينيين. تحدثوا جميعا خارج كواليس التصوير عن قصص انسانية, وكان ابرز تلك القصص او ما رسخ في ذهني ما قالته الاسيرة تيريز هلسة عند تحريرها في عام 1983في عملية تبادل الاسرى في الجزائر.. واضاف والقصة تقول انها عندما غادرت الكيان الصهيوني على متن طائرة هبطت في القاهرة ثم انتقلت الى الجزائر وانها في الايام الاولى لها هناك اول ما توجهت الى السوق لتشتري ملبس على لوز كالطفلة الصغيرة..وهذا امر طبيعي, فالمناضل انسان حساس ورقيق وعاطفي مثله مثل الاخرين رغم الصورة النمطية عن المناضلين لدى الناس.وبين الرمحي انه ومن تراكم القصص تبين ان خلف هذا المناضل يكمن اناس ادميون غابت عنهم العاطفة والحنان والتجارب في الحياة. وافتقدوا مراحل المراهقة التي لم يعيشوها وهم برأيي الشخصي عاشوا اسرا من نوع اخر هو الاسر الاجتماعي فكان الفيلم خارج الاسوار …
نقل تجاربهم
تقوم فكرة الفيلم على نقل تجارب عدد من الاسرى بعد تحريرهم وكيفية محاولة تأقلمهم مع واقعهم الجديد… وتابع الرمحي, كوننا ندرك صعوبة تغييب الفرد عن المجتمع والحياة الاجتماعية لفترة طويلة حيث يشعرون بالاختلاف, وان هناك فجوة كبيرة بين حياتهم وواقعهم الحالي. واوضح بان الاختلافات موجودة على الصعيد التكنولوجي والاجتماعي والسياسي. قمعظم الاسرى المحررين يواجهون معضلة حقيقية بالتكيف مع الواقع الجديد خاصة ان وجدوا بعد تحريرهم في بيئة ادنى فكريا وسياسيا وثقافيا من مستواهم.ولفت بانهم قد يصابون احيانا باحباطات تجعلهم يعيدون حساباتهم في التضحيات التي قدموها..وقال : انه على سبيل المثال الاسير المحرر ابو السكر قام بعملية بطولية عملية (الثلاجة ) في فلسطين ادت الى مقتل سبعة من افراد الكيان الصهيوني, وقضى في السجن 27 عاما مؤمنا بالكفاح المسلح كطريق لتحرير فلسطين ليخرج بعدها وتحل بحياته الكارثة الحقيقية عندما يصطدم بواقع اليم ومرير وهو ان الهدف الذي ضحى من اجله وهو تحرير فلسطين تم اختصاره من قبل البعض في اتفاقية شائنة ادت الى اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني. وليفاجأ بانهم كفدائيين كانوا يرعبون المستوطنين قبل الاعتقال اصبحوا اليوم في ظل الاتفاقيات الشائنة يرون اعتداءات المستوطنين اليومية على الشعب الفلسطين ّ!!
مخاوف وصدمات
وبين المخرج الرمحي بان هناك مخاوف وصدمات اخرى يعاني منها الاسرى المحررين. وقال: ان هؤلاء الاشخاص يخشون من طرح الاسئلة المتعلقة بالتكنولوجيا وتطوراتها السريعة لان الناس تنظر اليهم وكأنهم كاملون كونهم ابطالا نجحوا في ايقاع الخسائر وتكبيد العدو الصهيوني الكثير; ولذلك يجب ان يعرفوا كل شيء ويلموا بكل صغيرة وكبيرة في هذه الشؤون مما اصابهم (المناضلين ) بالخجل والخوف على صعيد التكنولوجيا..
التقرب من المرأة مشكلة عند الاسرى
اما على الصعيد الاجتماعي فقال : ان هناك بعض الاشخاص الذين دخلوا السجون في سن مبكرة وحكم على بعضهم مدد طويلة وحرروا بعد عشرين عاما.مما حرمهم من مرحلة اساسية من العمر, فكانوا يخشون التعامل مع المرأة ويبذلون جهدا كبيرا في الظهور بشكل حذر حتى لا يظهر سلوكهم بشكل فظ مع انهم جميعا بشر ولهم احاسيس وعواطف قوية
مراحل عمل الفيلم
الفيلم هذا ما يميزه عن غيره من الافلام التي اخرجت قال الرمحي : هو استخدامنا للانيميشن الرسوم المتحركة للتعبير من خلالها عمّا يدور في رؤوس اولئك, وهذا رفع تكاليف الفيلم المادية, وكان هذا الاسلوب الجديد من ابداعات الزميل عصام الديك الذي كرس وقته لاكثر من شهرين ونصف الشهر لانجاز هذا الابداع. وتابع حيث استضاف الفيلم اكثر من سبع شخصيات جميعهم اسرى محررون رجال وسيدات من فلسطين والاردن وسورية ولبنان, وكان من بينهم تيريز هلسة ومحمود الجولاني ومحمود المشلاوي والاسير الاعلامي اللبناني انور ياسين والاعلامي الاسير تحسين الحلبي وصالح ابو اللبن ومحمود ابو هدبة. وبين انه في هذا الفيلم سيقوم كل اسير بالحديث عن تجربته مباشرة.. رغم هؤلاء الاسرى سجنوا في مراحل مختلفة, فبعضهم سجن في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات الا ان معاناتهم متشابهة, وارجوا ان يكون هذا الفيلم بمثابة الرسالة لذوي واصدقاء المحررين ليساهم في تفهم نفسيات الاسرى بعد تحريرهم, ويساعد على التعامل معهم بشكل افضل.واوضح الرمحي باننا عندما يتحرر الاسرى نقيم لهم المهرجانات والمقابلات الصحفية ونضعهم مباشرة تحت المجهر لنرصد اي موقف سياسي او عثرة.. والحقيقة انهم يحتاجون الى اعادة تأهيل للاخذ بايديهم نحو رؤية سليمة للتطورات
الجهة التي تقف خلف الفيلم
وفي سؤال المخرج احمد الرمحي عن كلفة الفيلم ومن يخرجه قال :
عادة عند انتاج فيلم نحاول دائما بيع الفكرة قبل التورط في انتاج الفيلم كون كلفة الفيلم عالية جدا فالفيلم الوثائقي فيلم يشاهده المشاهد على التلفاز وعادة يقف خلفه فريق من المنفذين والفنيين الذين ينتقلون معك من دولة الى اخرى لينفذوا مختلف مراحل الانتاج من تصوير وصوت وموسيقا ومونتاج.وشرح بانه وبسبب الاوضاع الراهنة في سورية اضطررنا الى استضافة بعض ضيوفنا في لبنان, وبسبب عدم قدرتنا على الذهاب الى فلسطين المحتلة استضافنا البعض الاخر من الشخصيات في عمان.ليستمر العمل في التصوير وحده لاكثر من شهرين, وايضا المونتاج والانيميشن استغرق شهرين ونصف شهر اضافيين. وختم الرمحي بانه يفكر حاليا في عرض فيلمه في عمان قبل ان يتم عرضه في اي قناة تلفزيونية وقال ان هذا لمشروع من انتاج شركة زنوبيا العربية للانتاج الفني ومدة الفيلم 50 دقيقة